خاطرة للدكتور عثمان جيلان حول قوله تعالى : ( أَنْ تَقُولَ نَفْسٌ يَا حَسْرَتَا عَلَى مَا فَرَّطْتُ فِي جَنْبِ اللَّهِ وَإِنْ كُنْتُ لَمِنَ السَّاخِرِينَ (56)سورة الزمر )

خاطرة للدكتور عثمان جيلان حول قوله تعالى : ( أَنْ تَقُولَ نَفْسٌ يَا حَسْرَتَا عَلَى مَا فَرَّطْتُ فِي جَنْبِ اللَّهِ وَإِنْ كُنْتُ لَمِنَ السَّاخِرِينَ (56)سورة الزمر )
كل يوم يمر عليك دون استغلاله في القرب من الله وطاعته هو حسرة عليك وخسارة عظيمة الان وفي المستقبل وفي الدنيا والاخرة , فلا تظن ان هذه الآية خاصة بيوم القيامة عند الحساب , بل هي خاصة بكل يوم يمر عليك , اما ان يكون يوما قضيته فيما يقربك من الله , فتكون نفسك راضية عنك او يكون يوما ارتكبت فيه معاصي وانقضى ببعدك عن الله فيكون حسرة عليك وندما
انت في الدنيا تعيش لا تعلم ما سيحدث لك غدا , وما سيواجهك في المستقبل , وعليك ان تعلم انه كما يكون الجزاء على الاعمال في الاخرة , كذلك يكون الجزاء على الاعمال في الدنيا قبل الاخرة , بمعنى اخر , الله هو الذي يعلم الغيب , و ما ينتظرك من الاحداث في المستقبل , وهو سبحانه وتعالى الذي سيرسم مستقبلك وما سيحدث لك من الاحداث في مستقبل حياتك في الدنيا والاخرة , ويجب عليك ان تعرف الحقيقة المرة , وهي انه على قدر اعمالك الصالحة او السيئة , سيتحدد ما سيحدث لك مستقبلا في الدنيا والاخرة , سعادة مستقبلك غدا في بقية عمرك في الدنيا تتوقف على اعمالك وعلاقتك بالله من الان , كم بقي لك من عمرك اربعون سنة خمسون ؟ سعادتك فيها او شقاءك يتوقف على ما تعمله الان من اعمال صالحة (أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ اجْتَرَحُوا السَّيِّئَاتِ أَن نَّجْعَلَهُمْ كَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَوَاءً مَّحْيَاهُمْ وَمَمَاتُهُمْ ۚ سَاءَ مَا يَحْكُمُونَ (21) الجاثية ) , (( من عمل صالحا من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فلنحيينه حياة طيبة ولنجزينهم أجرهم بأحسن ما كانوا يعملون ( 97 ) سورة النحل )
حتى على مستوى اعضاء الجسم , كل معصية تترك اثرها الهدام على الجسم مدى الحياة , ما خربته المعاصي في جسمك قد لا يصلح مدى الحياة , والطاعات تحافظ على صحة الجسم , كل يوم ينقضي بالبعد عن الله يكون اثره العاجل السلبي على الجسم والنفس والرزق , وعلى علاقتك بمن حولك واسرتك ومجتمعك , ويكون اثره الاجل على مستقبلك وما سيواجهك من احداث سيئة ومستقبل مظلم, وكل يوم ينقضي في طاعة الله والقرب منه يكون اثره الايجابي العاجل على الجسم بالقوة والصحة والراحة النفسية والرزق , والسعادة مع من حولك من اسرتك ومجتمعك ويكون اثره الاجل على مستقبلك الذي يرسمه الله لك , فيستكثر الله لك من الخير ولا يمسسك السوء (قُل لَّا أَمْلِكُ لِنَفْسِي نَفْعًا وَلَا ضَرًّا إِلَّا مَا شَاءَ اللَّهُ ۚ وَلَوْ كُنتُ أَعْلَمُ الْغَيْبَ لَاسْتَكْثَرْتُ مِنَ الْخَيْرِ وَمَا مَسَّنِيَ السُّوءُ ۚ إِنْ أَنَا إِلَّا نَذِيرٌ وَبَشِيرٌ لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ (188) الاعراف ) , فالنفع والضر بيد الله , والمستقبل غيب لا يعلمه الا الله , فإما ان يكون مستقبلا يستكثر الله لك فيه من الخير ولا يمسسك السوء , واما ان يكون العكس , وهذا يعتمد على علاقتك بالله , فارسم مستقبلك من الان , وتقرب الى الله في كل يوم , لكي يستكثر لك من الخير مستقبلا , ولا يمسسك السوء في ما تبقى من عمرك , ولا تبتعد عن الله ولا ترتكب المعاصي , فتجعل مستقبلك سوءا ولا يمسسك الخير , وتقول بعد بضع سنوات : يَا حَسْرَتَا عَلَى مَا فَرَّطْتُ فِي جَنْبِ اللَّهِ وَإِنْ كُنْتُ لَمِنَ السَّاخِرِين , عليك ان تتحسر من الان على كل يوم ينقضي بالمعاصي والبعد عن الله